السيارات الكهربائية والتميز الياباني
تكتب شركة «تويوتا» لنفسها دوراً في قصة عودة مجد اليابان. فالشركة المصنعة للسيارات تزعم أنها حققت تقدماً في واحدة من المقومات الأساسية للمركبات الكهربائية: بطاريات الليثيوم الأيونية الصلبة التي تعد بمدى أطول وسلامة أفضل من التقنية الحالية. ويمكن للشركة الأعلى قيمة في اليابان أن تستعيد مجدها، تماماً كما فعلت اليابان. وشركة تويوتا ظلت لفترة طويلة مرادفاً للتميز في الصناعة، وكانت تحظى بتأييد نشطاء البيئة، قبل مدة ليست ببعيدة، بفضل سيارات بريوس الهجينة.
لكن أصبح ينظر إليها على أنها متخلفة عن ركب ثورة المركبات الكهربائية التي تعتبر شركات ناشئة مثل «تسلا»، أحد روادها. ومن شأن فك شفرة الجيل القادم للبطاريات، إسكات المنتقدين لشركات السيارات اليابانية. ويمكنها أيضاً تدعيم قطاع المركبات الكهربائية مثلما يدعم هذا القطاع نفسه صناعة السيارات الأكبر.
مع الانتباه إلى أن أي مزاعم بخصوص تحقيق تقدم الإنتاج التجاري للبطاريات الصلبة سيقابل تلقائياً بدهشة، فمن المهم التفكير فيما قد يعنيه التقدم: البطارية التي يمكنها تشغيل مركبة لمسافة 745 ميلاً بشحنة واحدة، وإعادة شحن البطارية في عشر دقائق أو أقل، وهي أقل عرضة لارتفاع درجة الحرارة أو الحريق. بعبارة أخرى، أي كل العراقيل الحالية بخصوص فترة إعادة التزود بالوقود أو الأمان. وقد يمثل هذا تغيراً كبيراً في صناعة السيارات التي تميل لأن تحرز تقدماً طفيفاً.
والتقدم الأكثر أهمية في صناعة السيارات التقليدية طرأ بالأساس على الجوانب الرقمية لا الجوانب الميكانيكية. فالاندماج مع الإنترنت والاتصالات اللاسلكية غيَّر طريقتنا في الشراء والصيانة، وفي استخدام السيارات واستثمارها. والتقدم في قوة الحاسوب وأجهزة الاستشعار والكاميرات كذلك جعل الذكاء الاصطناعي خصائص مساعدة للسائق واسعة الانتشار، حتى لو أن القيادة الآلية لا تزال تقنية مبالغاً فيها. واتجاه شركات السيارات اليابانية يذكرنا بأن إمكانية تحقيق تحسينات جذرية في عالم المركبات الكهربائية الوليد نسبياً، قوية.
واتجاه من هذا النوع يجب أن يحفز الروح التنافسية في القطاع. وفي الواقع، فإن مستقبل السيارات الكهربائية بشكل كامل قد يعتمد بشكل كبير على إحراز التقدم في هذه الجوانب، لاسيما في سوق مثل السوق الأميركي، حيث تسيطر الشاحنات وسيارات الدفع الرباعي التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة.
وفي جميع الاحتمالات، ستدخل البطاريات الصلبة التجارية السوق من خلال المركبات الأعلى سعراً في البداية ثم تنتشر هابطة في سلسلة المنتجات مع انطلاق اقتصادات الحجم الكبير. لكن الأمور قد تمضي بسرعة في سوق المركبات الكهربائية: فسعر بطارية الليثيوم المتوسطة في عام 2022 أرخص بنسبة 88 بالمئة من سعرها في 2010، وهو العام الذي طرحت فيه السيارة «تسلا» للجمهور. وظهور مركبات كهربائية أعلى أداء بشكل جذري بمستويات سعر في مقدور الأثرياء ستحدث موجات من الصدمة في السوق. وبالنسبة لأصحاب السيارات الكهربائية الحاليين، فإن للأمر جوانب إيجابية وأخرى سلبية.
فمن ناحية، قد توفر المركبات الكهربائية التالية مدى أكبر بكثير وسرعة في الشحن. ومن ناحية أخرى، قد تصبح المركبات الكهربائية الحالية فجأة مثل الثدييات الأولى التي لن تزدهر بموجب قوانين التطور الداروينية. فالسيارة الكهربائية ذات المدى الذي يبلغ حوالي 300 ميل، أكثر من كافية للاحتياجات العائلية، وهي لا تحتاج إلى وسيلة شحن عامة سريعة إلا مرة واحدة كل بضعة شهور. والبطارية هي الوحدة المنفردة الأعلى تكلفة في المركبة الكهربائية، وبالتالي فإنها محدد رئيسي في تحديد قيمة إعادة البيع للمركبات الكهربائية المستعملة.
ومن الإنصاف القول إنه حتى إذا كانت البطارية التي تكفي لمسافة 300 ميل، فإن ذلك سيقلص قيمة السيارة بمقدار ضئيل فقط خلال خمس سنوات، وتظل بالتالي ملائمة لمعظم الاستخدامات، وظهور البطاريات التي تكفي لضعفي هذه المسافة والأكثر أماناً ستقلل قيمة هذه النسخ الأقدم إلى حد كبير.
لقد رأينا من قبل كيف أن التحولات المفاجئة في ظروف السوق قد تضر بأسعار السيارات المستعملة. وتعرضت الشاحنات وسيارات الدفع الرباعي التي تستهلك كميات كبيرة من الوقود لضربة كبيرة في عام 2009 بعد بلوغ أسعار النفط مستويات ذروة أسعار 2008. وبالعكس، باعت «تويوتا» ما يقارب ربع مليون سيارة من طراز بريوس في الولايات المتحدة في 2013، وفي العام الماضي حين زاد سعر برميل النفط عن مئة دولار في المتوسط، دفع عودة ظهور الشاحنات وسيارات الدفع الرباعي وزيادة المركبات الكهربائية الحقيقية المبيعات إلى أقل من 40 ألف وحدة العام الماضي.
وفي غضون ذلك، هوت أسعار المركبات الكهربائية الجديدة والمستعملة عندما دخلت تسلا في حرب أسعار. وبغض النظر عن المستخدمين الأوائل، فإن ذلك يمثل معضلة لأذرع التأجير التابعة للمصنعين.
والمخاطر اليوم محدودة بالعدد الصغير للمركبات، إذ يوجد نحو 2.5 مليون بطارية مركبة كهربائية على الطرق في الولايات المتحدة، ونسبة منها فقط مؤجرة. وبحلول عام 2027، وهو العام الذي قد تكون فيه بطاريات تويوتا الصلبة جاهزة للاستخدام في المركبات الكهربائية، قد تكون هناك 17 مليون مركبة على الطرق وفقاً لتوقعات لبلومبيرج، ما يعني أن عدداً كبيراً للإيجارات سيكون معرضاً لأي تحول مفاجئ في التكنولوجيا، ومن ثم، في القيمة المتبقية.
لكن تعقيدات أذرع التأجير قد تكون أقل مخاوف للمصنعين. وإمكانية تحقيق تقدم في البطاريات يعني أن المركبات المتخلفة نسبياً مثل تويوتا اليوم قد تصبح فجأة في صدارة السوق. فضعف أداء تويوتا في سوق السيارات الكهربائية يعمل في غير صالحها اليوم، وفي ضوء ذلك، فإن ادعاءات الحالة الصلبة تبدو وكأنها محاولة يائسة لاستعادة الصلة بالموضوع في جزء سريع النمو من السوق.